داستان عربی 15: کوب و قهوة
القصة الخامسة عشرة: کوب و قهوة
اجتمع عدد من أصدقاء الجامعة معًا بعد فراق طویل فی منزل مدرّسهم القدیم. وما لبث أن تحوّل الحدیث فیما بینهم إلى شکوى وتذمّر من عملهم وحیاتهم. فی حینها، نهضَ الأستاذ واتجه إلى مطبخه لیعدّ بعض القهوة، ثمّ عاد بعد عدّة دقائق حاملاً معه صینیة فیها أکواب متعدّدة، منها ما هو أنیق جمیل من الکریستال أو الزجاج اللامع، وبعضها من البلاستیک أو الزجاج الشاحب رخیص الثمن. ودعا الأستاذ بعدها طلابه إلى التفضّل وأخذ کوب من القهوة. بعد أن تناول کلّ واحد کوبه، أردف الأستاذ قائلاً: "هل لاحظتم أن الأکواب الرخیصة الباهتة هی فقط التی بقیت على الطاولة، فیما تمّ أخذ جمیع الأکواب الکریستالیة الباهظة؟ وفی الوقت الذی من المنطقی فیه أنّ یرغب کلّ واحد فی الحصول على الأفضل لنفسه، غیر أنّ هذا سبب کلّ المشکلات والتوترات فی الحیاة، الکوب نفسه لن یُضیف أیّ قیمة للقهوة، ولن یغیّر مذاقها، ففی معظم الأحیان هو أغلى سعرًا فقط، ویُخفی المشروب الذی تتناوله." صمت الأستاذ قلیلاً، ثمّ واصل: "ما ترغبون فیه جمیعًا هو القهوة ولیس الکوب، لکنکم مع ذلک وبکل وعیٍ رحتم تبحثون عن أجمل الأکواب ومقارنتها بأکواب زملائکم! وکذلک الأمر مع وظائفکم، عائلاتکم وکلّ ممتلکاتکم الأخرى، ما تملکونه لا یؤثّر بأیّ شکل من الأشکال على جودة حیاتکم!"
العبرة المستفادة من القصة: کثیرًا ما نفشل فی الاستمتاع بقهوتنا، فقط لأننا نرکّز على الکوب الذی یحتویها. أن تکون سعیدًا لا یعنی بالضرورة أنّ کلّ شیء من حولک مثالی، وإنّما یعنی أن تکون قادرًا على رؤیة ما وراء کلّ العیوب والعثور على السکینة والراحة. هذه السکینة تکمن فی داخلک أنت، ولیس فی حجم منزلک أو نوع سیارتک أو طراز هاتفک أو أیّ شیء مادّی آخر فی حیاتک.
- ۰۰/۰۴/۰۶