داستان عربی 8: بطاطا، بیضة أم قهوة؟!
فی أحد الأیام شکت طفلة لوالدها ما تعانیه من مشقّات الحیاة. أخبرته أنّها تعیش حیاة تعیسة ولا تعلم کیف تتجاوز کلّ المصاعب التی تواجهها. فما إن تتغلّب على مشکلة ما حتى تفاجئها الحیاة بمشکلة أکبر وأقسى. کان والدها طاهیًا بارعًا، فلم ینبس ببنت شفة...بدلاً من ذلک طلب منها مرافقته إلى المطبخ. وهناک أحضر ثلاث أوعیة ملأها بالماء ووضعها على النار. وبمجرّد أن بدأت بالغلیان، وضع حبات من البطاطا فی الوعاء الأول، حبات من البیض فی الوعاء الثانی وحفنة من حبیبات القهوة فی الوعاء الثالث. وترکها تغلی دون أن یقول شیئًا. أصاب الطفلة الملل وبدأ صبرها ینفد. وراحت تتساءل عمّا یفعله والدها. وبعد عشرین دقیقة، أطفأ الأب الطیب النار. وأخرج البطاطا والبیض والقهوة ووضع کلّا منها فی وعاء زجاجی شفاف. التفت بعدها نحو ابنته وقال: - "ماذا ترین؟" - "بطاطا، وبیض وقهوة!" أجابت مستغربة. - "ألقِ نظرة أدقّ!" قال الأب: "والمسی حبات البطاطا." وکذلک فعلت الطفلة فلاحظت أنها أصبحت طریة. ثمّ طلب منها أن تکسر حبة البیض، فلاحظت أنّها قد أصبح أقسى. أخیرًا طلب منها ارتشاف القهوة فلاحظت أنّها لذیذة ورسمت على محیّاها ابتسامة خفیفة. - "أبی، ماذا یعنی کلّ هذا؟" سألت الصغیرة فی عجب. وهنا شرح الأب قائلا: - "کلّ من البطاطا والبیض والقهوة واجهت نفس الظروف (الماء المغلی الساخن) لکن کلّا منها أظهرت ردّ فعل مختلف، فالبطاطا التی کانت تبدو قاسیة قویة، أصبحت طریة ضعیفة. والبیضة ذات القشرة الهشّة تحوّل السائل فیها إلى صلب. أمّا القهوة فکانت ردّة فعلها فریدة، لقد غیّرت لون الماء ونکهته، وأدّت إلى خلق شیء جدید تمامًا." صمت الأب قلیلاً ثمّ واصل: - "ماذا عنکِ أنتِ؟ عندما تواجهک ظروف الحیاة الصعبة، کیف تستجیبین لها؟ هل تبدین ردّة فعل کالبطاطا؟ کالبیض؟ أم کالقهوة؟"
العبرة المستفادة: تحدث فی الحیاة من حولنا الکثیر من الأمور، وتواجهنا الکثیر من الصعاب والأحداث المؤلمة، لکن لا یهمّ منها شیء. فالمهم حقًا هو کیف نختار ردّة فعلنا على هذه الصعاب. هل تحطّمنا وتجعلنا ضعفاء کالبطاطا. أم أنّها تحوّلنا إلى أشخاص قساة من الداخل کما هو الحال مع البیض. أمّ أننا نتعلّم منها ونستغلّها فی تغییر العالم من حولنا، وخلق شیء إیجابی جدید.
- ۰۰/۰۴/۰۲